السلوك العدواني السلبي في العلاقات هو أحد أكثر الأنماط الخفية التي تُضعف الحب والتفاهم، حيث قد يبدأ بتعليقات مبطّنة أو صمت عقابي ويؤدي لتآكل الثقة بمرور الوقت.. قد تتساءل: ما الفرق بين النقد الصريح والتعليقات المبطّنة؟ ولماذا تُعد الأخيرة أكثر ضررًا على المدى الطويل؟ في هذه المقالة سنستعرض ماهية هذا النمط، علاماته، تأثيره على الثقة والحب، وكيف يمكن التعامل معه بطريقة بنّاءة.
ما هو السلوك العدواني السلبي؟
السلوك العدواني السلبي (أو العدوان غير المباشر) هو الطريقة التي يُعبّر بها الشخص عن غضبه أو استيائه دون مواجهته مباشرة. بدلًا من قول “أنا غاضب منك”، قد يلجأ إلى ملاحظات مشوّشة، تأخير مقصود، صمت عقابي، أو سخرية مبطّنة.
هذا السلوك لا يُصنَّف عادة كاضطراب مستقل في الدليل التشخيصي، لكنه يظهر كثيرًا كجزء من أنماط التعامل العاطفي السلبية ضمن العلاقات.
أبرز العلامات التي تكشف العدوانية السلبيّة
فيما يلي بعض السلوكيات التي قد تشير إلى التصريحات العدوانية:
- السخرية المبطّنة أو التعليقات المزاحية الجارحة: استخدام مزاح يبدو بريئًا لكنه يحمل نقدًا وبصورة مهينة.
- التأخير أو المماطلة عمدًا: تأجيل تنفيذ المهمات بدون مبرر، كطريقة لإيصال الاستياء.
- الصمت العقابي أو التجاهل المتعمَّد :الامتناع عن الكلام أو التواصل كعقوبة ضمنية.
- تعمُّد ارتكاب أخطاء أو تنفيذ نصف عمل: القيام بالمطلوب بطريقة سيئة لتبرير الإهمال أو الإحباط.
التلميح السلبي أو “المديح المزيف” :قول شيء يبدو مدحًا لكنه في جوهره إهانة مبطّنة. - لغة الجسد التي تعبّر عن الاحتقار أو الاستياء: مثل التثاؤب، تدليك العيون، طي الذراعين، الابتعاد.
من الجدير بالذكر أن هذه المؤشرات لا تُعبر عن سوء نية دائم، لكن تكرارها يكشف نمطًا مؤذياً بمرور الوقت.
كيف تؤثر التعليقات العدوانية-السلبيّة على الحب والثقة؟
1. تقويض التواصل الصادق
عندما تُطرح الانتقادات بطريقة ملتوية أو غير مباشرة، يصعب على الطرف الآخر تفسيرها أو الرد عليها بشكل بناء. هذا يخلق حاجزًا في الحوار المفتوح، ويُعزّز الشعور بعدم الأمان في التعبير.
2. تراكم الجرح النفسي
كل تعليق ساخر أو إشارة مهينة، حتى لو بدا صغيرًا، يترك أثرًا في المشاعر. مع الزمن، تتراكم هذه الجروح لتصبح جدارًا يصعب اختراقه بين الحبيبين.
3. تآكل الثقة
عندما يشعر الشخص بأن شريكَه لا يقول ما يعنيه صراحة، فإنه يبدأ بالتساؤل عن النوايا الحقيقية والتشكيك في صدق الكلمات الجميلة. وهكذا، تنشأ فجوة بين المظهر والواقع.
4. التأثير على الصحة النفسية
الأبحاث تشير إلى أن التعرض المستمر للتقليل أو الانتقاد المبطّن يمكن أن يؤدي إلى ضغط نفسي، قلق، وخفض احترام الذات.
أسباب ظهور هذا السلوك في العلاقات
لفهم سبب استخدام الأشخاص للتعليقات العدوانية-السلبيّة، هذه بعض العوامل الشائعة:
- الخوف من المواجهة المباشرة أو الهروب منها
- ضعف في مهارات التعبير العاطفي أو التواصل الصريح
- تراكم استياء غير معالَج
- شعور بعدم الأمان أو الخوف من الرفض
- تجارب سابقة في العلاقات التي تعلّم فيها الشخص أن النقد المباشر يؤدي إلى صدامات
- أحيانًا كنمط تعلمه الشخص من بيئته العائلية أو نماذج التواصل التي نشأ عليها
كيف تتعامل مع شريك يُظهر هذا السلوك؟
إليك خطوات عملية لتجاوز الضرر وتحسين التفاعل:
- الوعي والتعرّف
أول خطوة هي أن تميّز هذا السلوك حين يحدث، وتفهم أنه ليس مجرّد مزحة عابرة. - التعبير عن مشاعرك بوضوح
استخدم عبارات تبدأ بـ “أنا أشعر…” بدلًا من “أنت فعلت…”، لتقليل الدفاعية. - تحديد حدود واضحة
قل بصراحة أن التعليقات المبطنة مؤذية، واطلب من شريكك التوقف عنها أو التعبير بطريقة مباشرة بديلة. - طلب الحوار في لحظة هادئة
لا تُواجه الشخص في وسط شجار؛ اختر وقتًا مناسبًا يكون فيه كلا الطرفين مستعدًّا للنقاش. - التدريب على التواصل الصريح
مثلاً، عند وجود استياء، يُفضَّل قول: “هوّّن عليّ أن تخبرني إن هناك ما يزعجك بدلًا من التلميح”. - التركيز على النوايا وليس فقط الكلمات
اسأل: “ماذا كنت تنوي أن تقول هذه الملاحظة؟” أحيانًا يكون الغضب مخفيًا وراء تعليق لم يقصد به الأذى. - طلب مساعدة مختصّ إذا لزم الأمر
إذا استمر نمط السلوك أو ازدادت الأذى النفسي، فإن الاستعانة بمعالج علاقات أو استشاري نفسي قد تكون ضرورية.
لقد أعددتُ ورشة عمل متخصصة حول التعامل مع السلوك العدواني السلبي في العلاقات، يمكنك الاطّلاع عليها من هذا الرابط.
وإن كنت ترغب في متابعة أحدث الورش والدورات القادمة، يمكنك الاشتراك من هنا ليصلك كل جديد مباشرة.
خاتمة
التعليقات العدوانية-السلبيّة ليست مجرد مزحة أو ردّة فعل بسيطة، بل هي أشبه بشقوق صغيرة في جدار العلاقة تُضعف الحميمية والثقة تدريجيًا. بالتعرّف على هذه الأنماط والتواصل بوضوح، يمكن للشركاء أن يعيدوا صياغة الحوار بطريقة أكثر صحة ومحبة.
هل تواجه سلوكًا مشابهًا في علاقتك؟ شاركنا تجربتك في التعليقات أو اطلب استشارة متخصصة عبر موقعنا!